نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 2 صفحه : 163
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ جعل العذاب ماساً لهم كأنه الطالب للوصول إليهم، واستغنى بتعريفه عن التوصيف. بِما كانُوا يَفْسُقُونَ بسبب خروجهم عن التصديق والطاعة.
[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 51]
قُلْ لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)
قُلْ لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ مقدوراته أو خزائن رزقه. وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ما لم يوح إلي ولم ينصب عليه دليل وهو من جملة المقول. وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ أي من جنس الملائكة، أو أقدر على ما يقدرون عليه. إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحى إِلَيَّ تبرأ عن دعوى الألوهية والملكية، وادعى النبوة التي هي من كمالات البشر رداً لاستبعادهم دعواه وجزمهم على فساد مدعاه. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ مثل للضال والمهتدي، أو الجاهل والعالم، أو مدعي المستحيل كالألوهية والملكية ومدعي المستقيم كالنبوة.
أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ فتهتدوا أو فتميزوا بين ادعاء الحق والباطل، أو فتعلموا أن اتباع الوحي مما لا محيص عنه.
وَأَنْذِرْ بِهِ الضمير لما يوحى إلي. الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ هم المؤمنون المفرطون في العمل، أو المجوزون للحشر مؤمناً كان أو كافراً مقراً به أو متردداً فيه، فإن الإنذار ينجع فيهم دون الفارغين الجازمين باستحالته. لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ في موضع الحال من يحشروا فإن المخوف هو الحشر على هذه الحالة. لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ لكي يتقوا.
[سورة الأنعام (6) : آية 52]
وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)
وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ بعد ما أمره بإنذار غير المتقين ليتقوا أمره بإكرام المتقين وتقريبهم وأن لا يطردهم ترضية لقريش.
روي أنهم قالوا: لو طردت هؤلاء الأعبد يعنون فقراء المسلمين كعمار وصهيب وخباب وسلمان. جلسنا إليك وحادثناك فقال: «ما أنا بطارد المؤمنين» ، قالوا: فأقمهم عنا إذا جئناك قال «نعم» .
وروي أن عمر رضي الله عنه قال له: لو فعلت حتى ننظر إلى ماذا يصيرون فدعا بالصحيفة وبعلي رضي الله تعالى عنه ليكتب فنزلت.
والمراد بذكر الغداة والعشي الدوام، وقيل صلاتا الصبح والعصر.
وقرأ ابن عامر بالغدوة هنا وفي الكهف. يُرِيدُونَ وَجْهَهُ حال من يدعون، أي يدعون ربهم مخلصين فيه قيد الدعاء بالإِخلاص تنبيهاً على أنه ملاك الأمر. ورتب النهي عليه إشعاراً بأنه يقتضي إكرامهم وينافي إبعادهم. مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ أي ليس عليك حساب إيمانهم فلعل إيمانهم عند الله أعظم من إيمان من تطردهم بسؤالهم طمعاً في إيمانهم لو آمنوا، أو ليس عليك اعتبار بواطنهم وإخلاصهم لما اتسموا بسيرة المتقين وإن كان لهم باطن غير مرضي كما ذكره المشركون وطعنوا في دينهم فحسابهم عليهم لا يتعداهم إليك، كما أن حسابك عليك لا يتعداك إليهم. وقيل ما عليك من حساب رزقهم أي من فقرهم. وقيل الضمير للمشركين والمعنى: لا تؤاخذ بحسابهم ولا هم بحسابك حتى يهمك إيمانهم بحيث تطرد المؤمنين طمعاً فيه. فَتَطْرُدَهُمْ فتبعدهم وهو جواب النفي فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ جواب النهي ويجوز عطفه على فتطردهم على وجه التسبب وفيه نظر.